strategic-management

بقلم المستشار سمير محمد باعامر – رئيس عيادات الاداء

يمكن تعريف الإدارة الإستراتيجية بأنها عملية إدارية شاملة تتبناها الإدارة العليا حيث تبادر خلالها برسم إطار عام لمستقبل الشركة. وعليه تقوم بتوفير وتطوير العمليات والإجراءات والموارد الكفيلة للوصول إلى ذلك المستقبل، يتبعه تفعيل للخطة الإستراتيجية الناتجة عن عملية التخطيط وتطبيقها وتقييمها لقياس تقدمها وفعاليتها في تحقيق أهدافها،

لذلك يمكن التعبير عن الإدارة الإستراتيجية بانها العملية التي يتم من خلالها تحديد وإجراء التغييرات المطلوبة وقياس أداء الشركة في طريقها نحو تحقيق الوضع المستقبلي “رؤيتها” التي تصبو إليه وذلك من خلال الربط بين التخطيط الإستراتيجي وما يرافقه من قرارات وبين الإدارة التي تهتم بنشاطات وإجراءات الأعمال والنشاطات اليومية. الأمر الذي يتطلب تكامل وتنسيق وانسجام بين كافة الموارد والوظائف والجهود المؤسسية الداخلية من أجل تنفيذ استراتيجيات الشركة وتحقيق رؤيتها، مهما كانت التحديات، والتي من أبرزها المنافسة،

وبذكر التحديات، لا بد من الوقوف على السؤالين التاليين:

  1. ما الذي يجعل شركة أفضل من غيرها؟
  2. ما الذي يجعل شركة تتفوق عن مثيلاتها بالرغم من امتلاك هذه الشركة لموارد أقل؟

إن الجواب على هذه الأسئلة يكمن بوجود ميزة تنافسية لدى الشركات الناجحة وعدم وجودها لدى البعض الآخر. فالميزة التنافسية هي الفارق أو العامل الذي تمتلكه شركة وتفتقده أخرى وتعتبر جوهر العملية الإستراتيجية. وعليه يمكن إعادة تعريف الإدارة الإستراتيجية بأنها الجهود المبذولة والإجراءات التي تتخذها الشركة “عن قصد” للتفوق على منافسيها. وهنا لابد من الإشارة إلى أن تأثير الميزة التنافسية، منذ عقد أو عقدين من الزمان، كان يدوم لفترات أطول مما هو عليه الحال الآن. فنظرا للتطور التكنولوجي والانفتاح العالمي وتوفر المعلومات، يمكن للمؤسسات تقليد الإستراتيجيات وبالتالي الحصول على مزايا تنافسية مماثلة، بل وتحسينها في وقت قصير، خصوصا إذا كانت الميزة التنافسية تعتمد بشكل كبير على استراتيجيات يمكن محاكاتها بسهولة، كخفض الأسعار، تنويع المنتجات أو الخدمات, التركيز على منتج معين, استخدام تكنولوجيا معينة, أو التركيز على شريحة معينة. فجميع هذه الإستراتيجيات يمكن تقليدها بسهولة وفي وقت قصير من قبل المنافسين.

وما يزيد من صعوبة الحصول على ميزة تنافسية، أن الشركات في الوقت الحاضر تسعى جاهدة لتحسين مزاياها التنافسية لتصبح أفضل من الآخرين، بعكس ما كان علية الحال سابقا حيث كانت تكتفي بالوصول إلى نفس مستوى المنافسين. تعتبر هذه الظاهرة أحد الأسباب الرئيسية المساعدة لتصاعد ونمو الأعمال من حيث تنوع وتغير المنتجات والخدمات بهذه الوتيرة غير المسبوقة. إذن، وعلى ضوء ما سبق، كيف يمكن الحصول على ميزة تنافسية؟

للحصول على ميزة تنافسية، على الشركة ألا تنظر فقط إلى المزايا التنافسية للمنافسين، بل قبل ذلك يجب أن تضع بعين الاعتبار أصحاب المصلحة، وعلى رأسهم “العملاء” والاستجابة لاحتياجاتهم وتلبية رغباتهم. وهذا في الواقع يتم عن طريق إضافة قيمة يستفيد منها هؤلاء الناس. فبالنسبة للعملاء مثلا، يمكن إضافة خصائص معينة على المنتج أو الخدمة بحيث يصعب على المنافسين تقليدها، وبالنسبة للموظفين، يمكن تعديل نظام المكافئات لتحفيزهم وحثهم على تنفيذ إستراتيجية الشركة من أجل تحقيق أهدافها سعيا للوصول إلى رؤيتها، وهذا لا يتحقق إلا بتبني النهج الإستراتيجي في الإدارة، كما سنرى لاحقا.

فمن الأخطاء الشائعة في عملية التخطيط الإستراتيجي هو عدم إعطاء العنصر البشري الأهمية التي يستحقها بالرغم من كونه العنصر الأهم على الإطلاق. فبالرغم من التقدم التكنولوجي الذي تتمتع به الشركة أو قيمة شهرتها التجارية أو مستوى الجودة التي تقدمه لعملائه أو قدرتها في الحصول على أسعار متميزة من مصادرها، إلا أن الفرق الحقيقي يكمن بقواها البشرية. إن رأس المال البشري الذي يعتبر أهم أصول الشركة، ولا يظهر في ميزانيتها، هو العامل والمحفز الرئيس في ترجمة الإستراتيجية إلى أرض الواقع.  ويمكننا إيجاز منهجية الإدارة الإستراتيجية وتطبيقها عمليا في أربعة خطوات عملية (التحليل الإستراتيجي، صياغة الإستراتيجية، تنفيذ الإستراتيجية ،متابعة تنفيذ الإستراتيجية والتحكم بإبقائها في مسارها المقصود  )

الخطوة الاولى هي تحليل البيئة الداخلية والخارجية والتي عادة ما تبدأ بمبادرة من الإدارة العليا وتشمل مساهمة كافة الطبقات الإدارية نزولا حتى طبقة الإشراف وأحيانا بعض الموظفين، للإدلاء بآرائهم ومقترحاتهم ومداخلاتهم التي تتعلق بتقييمهم للبيئة الداخلية للشركة للوصول الدقيق لنقاط القوة والضعف ودراسة التحديات والفرص في البيئة الخارجية التي تؤثر على أنشطة الشركة بشكل عام او مباشر

والخطوة الثانية، والتي تعتبر من مهام الإدارة العليا، هي صياغة الإستراتيجيات بناءا على نتائج تحليل بيئة الشركة الداخلية والخارجية.

أما الخطوة الثالثة فهي تتعلق بتطبيق الخطة الإستراتيجية والتي تعتبر الأكثر تحديا من بين جميع الخطوات. إن من متطلبات نجاح هذه الخطوة هو مشاركة ومساهمة جميع من لهم علاقة بهذا الأمر وخصوصا الموظفين، الذين بدون مساهمتهم الحقيقية في تنفيذها، سوف لا تتخطى “الإستراتيجية” حيز الأوراق التي كتبت عليها وسوف تختزل في أذهان من صاغوها. لذلك، فإن القول بأن الإستراتيجية هي من مهام ومسئوليات الإدارة العليا فقط، هو من الأخطاء الشائعة والتي تتجنبها جميع الشركات الناجحة في عالم الأعمال.

والخطوة الرابعة والأخيرة تكمن في متابعة تنفيذ الإستراتيجية والتحكم بإبقائها في مسارها المقصود تعتبر آخر الخطوات في الإدارة الإستراتيجية ولا تقل عن سابقاتها من حيث الأهمية. فالمتابعة الجيدة لتنفيذ الإستراتيجية باستخدام مفاهيم وأدوات مثل إدارة الجودة و بطاقة الأداء المتوازن تمكن المدراء، ليس فقط من متابعة التنفيذ واتخاذ إجراءات فورية لإعادة الإستراتيجية إلى مسارها الصحيح في حال حدوث أي انحراف، وإنما لإجراء تحسينات مستمرة تضمن تقدم الشركة نحو رؤيتها وكذلك التكيف مع أي مستجدات خارجية يمكن أن تكون ذات تأثير على الشركة.

لمزيد من المعلومات:

يمكننا مساعدتكم في تطبيق مفهوم الإدارة الاستراتيجية بخطواتها الاربعة بدا من تحليل بيئة العمل الداخلية والخارجية للشركة وتحليل نتائج التحليل لصياغة الإطار العام للاستراتيجية وانتهاء بالإشراف على الخطوات العملية لتطبيق الأهداف الاستراتيجية عبر سلسلة المبادرات والاهداف التشغيلية وقياس النتائج يمكنك مراسلتنا في عيادات الأداء لاستشارات الإدارة العليا على البريد الالكتروني info@bp-clinic.com